يقول: (ومن دعائمه الصبر واليقين والعدل والجهاد) هذه من دعائم الإيمان، وهي أيضاً من أجزائه ومن أعظم أركانه، وقد أخرج الإمام
البخاري رحمه الله تعالى تعليقاً، ورواه الإمام
أحمد موصولاً في السنة عن
ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: [
الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله]، وهذا دليل على أن السلف الصالح عرفوا أهمية هذين العملين القلبيين في الإيمان: الصبر واليقين اللذين بهما تنال الإمامة في الدين، كما قال الله تبارك وتعالى: ((
وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ))[السجدة:24]، فالصبر نصف الإيمان، ولو تأمل العبد في العبادات وفي الطاعات كلها لوجد أنها تقوم على أمرين: الأمر الأول: الإخلاص فيها لله تبارك وتعالى.والأمر الثاني: الصبر على ذلك، فالإخلاص يحتاج إلى صبر، والعمل يحتاج إلى صبر، وطلب العلم من أجل أداء فرائض الله يحتاج إلى صبر.. وهكذا، فالصبر لا غنى للعبد عنه، فعندما نقول: الصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله، كأننا نتذكر قول الله تبارك وتعالى: ((
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ))[الفاتحة:5]؛ لأنه إن لم يعنا الله تبارك وتعالى ويصبرنا على أداء الطاعات؛ فإننا لا نستطيع أن نؤديها، فهذا من أعظم الكلام ومن أجله، فرضي الله تعالى عن السلف الصالح، فما أفقههم في دين الله، وما أعرفهم بالحقائق! ومن دعائم الإيمان العدل والإنصاف، وهذا أيضاً جاءت فيه عدة أحاديث، كما في حديث
بلال و
عمار بعدة روايات، وقد ذكره الله تبارك وتعالى في القرآن، فمن الوصايا العشر القرآنية التي هي متفق عليها في الشرائع كلها: ((
وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ))[الأنعام:152]، فـ
العدل من أعظم خصال الإيمان التي لا يتنبه لها كثير من الناس، العدل في القول والعدل في العمل. ومن معاني العدل: القسط، أن يكون الإنسان من المقسطين الذين يحكمون بالحق وبالعدل، ومن معانيه: الاقتصاد في كل أمر، أن يكون الإنسان على القصد لا يغلو ولا يقصر، فهذا أيضاً من العدل، فالعدل ركن ركين من أعمال الدين والإيمان. والجهاد هو المعلوم فضله وقيمته، وهو ذروة سنام الإسلام، فالدين له ذروة، وذروة سنامه هي الجهاد في سبيل الله عز وجل؛ ولهذا لما ذكر
ابن عمر رضي الله تعالى عنه الأركان الخمسة قال رجل: والجهاد؟ كأنه يقول: أليس الجهاد من أركان الإسلام؟! فقال
ابن عمر : (
الجهاد حسن). يعني: أمر عظيم، لكن الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما جعل الجهاد من الأركان الخمسة، وإنما جعل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسس الإسلام الثابتة التي هي الخمسة الأركان وهذه الثلاثة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد.